يعد سؤال متى تظهر أعراض التوحد عند الاطفال من أكثر الأسئلة شيوعًا لدى الوالدين خاصةً عندما يلاحظون تصرفات غريبة تصدر من أطفالهم، ولكن التوحد مرض أشد تعقيدًا من كونه مجرد تصرفات مريبة يقوم بها المصابين به، بل هو اضطراب عصبي يرتبط بشكل وثيق بنمو الدماغ مما يؤثر على كيفية تعامل المصاب مع أفراد البيئة المحيطة به وتكون مهاراته الاجتماعية شبه معدومة، ولا يقتصر الأمر على تصرف واحد يمكن توقعه بل تضطرب الأعراض كموج البحر فتختلف في شدتها وعددها مما يصعب توقع سلوك المريض بشكل دقيق.
متى تظهر أعراض التوحد عند الاطفال
تظهر أعراض التوحد غالبًا في بداية أول ٣ سنوات من حياة المولود، هناك من يظهر عليه منذ الولادة وهناك من تبدأ معه في سن متأخر وهو الأندر حدوثًا.
تنقسم فترات ظهور الأعراض لدى الأطفال إلى فترتين:
فترة الطفل الرضيع
- بنسبة كبيرة يكون سبب التوحد عند الأطفال الرضع وراثي ناتج عن خلل جيني.
- يتقبل مخ الأطفال في هذا السن العلاج بصورة أكثر قابلية تزيد من فرص الشفاء.
- تظهر بعض الدراسات أن اكتشاف المرض والشروع في علاجه قبل وصول المولد لسن 18 شهر يجعل احتمالية التعافي التام من جميع الأعراض ممكنة جدا.
- تكمن المشكلة في مدة اكتشاف المرض منذ ظهوره، فغالبًا ما يعتبر الوالدين سلوك الطفل طبيعيًا بل وإنه مريح لكونه هادئًا ومسالمًا ولكن على العكس تمامًا فهذا سبب كافي لكي يبث القلق في نفوس أولياء الأمور.
- كلما كان اكتشاف الأمر متأخر أكثر كلما كان الوضع أسوأ واحتمالية الاستجابة للعلاج أضعف، لذا لا بد من مراجعة الطبيب فور ملاحظة أي سلوك غير طبيعي بالنسبة لطفل في مثل سن ولدك.
فترة الطفل المبكرة
- تتنوع أسباب المرض في تلك المرحلة بين العوامل المحيطة المختلفة من التعرض لإشعاعات ضارة، أو مواد كيميائية، أو حتى أدوية غير مناسبة.
- تتميز ظهور الأعراض هنا في أن مهارات الطفل تكون طبيعية منذ الولادة حتى مرحلة معينة تنحدر فيها تلك المهارات بشكل ملحوظ، تتراوح تلك الفترة ما بين 3 شهور إلى 6 شهور من عمر الطفل.
- تشخيص الطفل من بعد السنتين هو تشخيص صحيح بنسبة كبيرة ليس هناك احتمال للخطأ به.
- أيًا يكن عمر الطفل فمازال هناك أمل للشفاء واحتمالية للعلاج فابدأ في التداوي فور اكتشاف المرض.
كيف أفرق بين الطفل الطبيعي والمتوحد؟
كما أوضحنا سالفًا متى تظهر أعراض التوحد عند الاطفال نشير إلى أن الأعراض تختلف من طفل إلى آخر بالإضافة إلى اختلاف حدتها ومراحلها ولكن هناك بعض السلوكيات المشتركة بين مرضى التوحد منها:
مشكلات التفاعل و التواصل الاجتماعي
والتي تعد من أبرز المشكلات وأكثرها وضوحًا لدى أطفال التوحد بل وتؤثر على الكثير من المهارات الأخرى، من أعراضها
- أسلوب التحدث قد يكون غريبًا مثل أنه يتحدث بصوت عال أو لحني كأنه يغني أو روبوتي غير معهود.
- من الممكن أن يتحدث الطفل المصاب بالتوحد بطلاقة عن الأشياء التي تثير اهتمامه بينما تنحدر مهاراته في التحدث والتواصل عندما يتجه الحديث إلى شيء لا يهمه.
- يجد صعوبة في وصف مشاعره أو فهم مشاعر الآخرين.
- لا يتحدث أو ينظر إلى ما يريد أو يلفت انتباهه وهو في عمر السنة ونصف.
- لا يستطيع القيام باللعب المبني على التخيل كالتحدث إلى دمية أو التمثيل بها بالرغم من كونه في عمر السنتين ونصف.
- لا تظهر على وجهه تعابير الوجه المتوقعة مثل التفاجؤ أو السعادة أو حتى الغضب والحزن.
- يتفادى التواصل البصري أو يبتره.
- لا يلعب الألعاب التفاعلية المبدئية بسن العام.
- لا يتشارك اهتماماته مع الآخرين ولا يشاركهم اهتماماتهم.
- قد يصل إلى عمر السنة وهو لا يستخدم إيماءات إطلاقًا أو يستخدم قليلًا منها مثل الإيماءة بالرأس أو التلويح وغيره.
- لا يظهر أي اهتمام بالأطفال في سنه أو يظهر القليل.
سلوك التكرار النمطي
وفيه يقوم الطفل بأفعال غير اعتيادية في صورة تكرار سلوكيات وحركات بعينها لأكثر من مرة على سبيل المثال:
- يكرر كلمات وعبارات ترد على مسامعه.
- يتمم المهام بطرق معينة لا يغيرها مع مرور الزمن.
- ينزعج عند حدوث أي تغيير ولو كان خفيفًا.
- يعيد الكلمات أكثر من مرة بصورة متكررة.
- يرتب لعبه بترتيب معين ينزعج عند تغييره.
- يلعب بنفس الطريقة في كل مرة فقد يركز على جزء من اللعب أو يحركها بطرق معينة تتكرر.
- يضع لنفسه روتين قاسي لا يخالفه سواء في الدراسة أو الذهاب إلى النوم وما إلى ذلك.
- يفتح أصابعه ويغلقها باستمرار، يتأرجح بتكرار، يدور في دوائر ويركض ذهابًا وإيابًا.
أعراض أخرى
هناك أعراض أخرى بالإضافة إلى ما سبق تتناثر بين اضطرابات مختلفة منها:
- يصدر ردود فعل غير اعتيادية نحو بعض الأصوات أو الألوان أو الروائح أو حتى المذاق قد تصل إلى الانفعال الهستيري.
- يتمتع بقدرات مميزة كالمواهب الموسيقية أو الرسم أو القدرات العقلية العالية كالفهم السريع والحفظ في وقت قياسي وأيضًا حل المسائل الصعبة.
- قد يصاب بالهوس تجاه بعض الاهتمامات كأن يصدر رد فعل انفعالي تجاه عدم مشاهدة برنامج تلفزيوني رغم مشاهدته له مرارًا وتكرارًا.
- نمو بطيء في المهارات الكلامية والحركية.
- الخوف بشكل مفرط تجاه أشياء لا تستحق أو عدم الخوف نهائيًا.
- نوبات صرع متكررة.
- تأخر في المهارات التعليمية والمعرفية.
- العواطف الجياشة كالقلق أو التوتر المبالغ فيه بالإضافة إلى تغيرات سريعة في المِزَاج.
- فرط حركة أو سرعة اندفاع.
- نظام غير معتاد في الأكل أو النوم.
من الجدير بالذكر أن الطفل قد يكون مصاب ببعض تلك الأعراض أو ليس مصابًا بأي منها مع وجود التوحد لذا نشير إلى أن الأعراض متباينة بشكل كبير بين الأطفال.
يمكنك التعرف على المزيد من المعلومات عن: حالات شفيت من طيف التوحد
أعراض مرض التوحد عند البنات
تتطابق أعراض المرض في البنات مع أعراض المرض عند الأولاد، ولكن يصعب تشخيص المرض لدى الفتيات بشكل أكبر من الذكور حيث أشارت بعض الدراسات إلى أنه يتم تشخيص مرض التوحد بنسبة فتاة لكل 4 ذكور، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها:
- أكثر أعراض التوحد شهرة هي التأخر في التحدث وهو مما يكون واضحًا وبشدة لدى الأولاد، عكس الفتيات اللاتي يمتلكن قدرات لغوية قوية تجعلها أفضل حالًا لغويًا منهم .
- تتركز أعراض الفتيات على انحدار السلوك الاجتماعي والعقلي والذي يتم ملاحظته في وقت متأخر.
- يعتبر الوالدين انعزال الطفلة والتلعثم في الحديث من الخجل لذا لا يلاحظوا تدهور حالتها.
- من طبيعية مرض التوحد الروتين المتتابع والفشل في العلاقات الاجتماعية والاضطرابات الحسية والتي تكون واضحة بشكل أكبر في الذكور مثل: الصراخ على أمر تافه، إبداء التألم الشديد أو عدم التألم لجرح أو مرض، ضرب الحائط تعبيرًا عن الغضب، إلقاء الملابس أرضًا عند إخباره بارتدائها، وضع الأشياء في فمه، كلها تبدوا في الذكور أبرز وعلى الأغلب لا تقوم بها الفتيات مما يجعل الأمر أكثر اندثارًا.
- اختلاف تشريح المخ لدى الأنثى المصابة بالتوحد عن الذكر.
- ميل الفتيات إلى كتم مشاعرهن وعدم إظهارها للعلن مما يصعب من اكتشاف المرض.
علامات تنفي التوحد
من الأسهل بالنسبة للوالدين اكتشاف إذا ما كان الطفل مصاب بالتوحد أم لا نسبة إلى أي شخص آخر، فالمكوث معه طوال الوقت يتيح لك متابعته واكتشاف المرض مبكرًا إن وجد.
ولكي تلاحظ العلامات التي تنفي التوحد يجب عليك:
- مراقبة نمو الطفل: إذا كان طفلك سليم في النمو العقلي والعاطفي والاجتماعي ويتمتع بسلوكيات طبيعية بالنسبة لطفل في عمره عكس التي عرضناها سابقًا فهو على الأرجح غير مصاب بالتوحد، فالمصابون يكون لديهم اضطرابات في السلوك وتأخر في النمو، ولكن لا تشير تأخرات النمو دائمًا إلى التوحد قد يكون هناك أسباب أخرى عديدة.
- اتخاذ إجراء فوري عند القلق: إذا لاحظت انحسار مريب في نمو طفلك فلا تتردد في مراجعة الطبيب، قد يتأخر بعض الأطفال في المشي أو الكلام ولكن إلى سن معين طبيعي لنمو الطفل، إن تأخر عن ذلك فيجب زيارة الطبيب.
- لا تنتظر وتأخذ وضع المشاهد: إذا شعرت بأعراض غريبة لا تنثني عن الذَّهاب والكشف على طفلك، فالانتظار على المشكلة يجعلها تتفاقم وتتحول من مشكلة لها علاج ويمكن تداركها إلى مشكلة يصعب علاجها وتقل فرص الشفاء منها، وهذا ينطبق على باقي الأمراض أيضًا.
هل طفل التوحد يضع يده في فمه؟
أجل، ويختلف سبب فعله هذا من طفل لآخر فقد يكون متوترًا أو جائعًا أو عناد وما إلى غيره، ومعرفة سبب فعله لهذا يساعدك على حل المشكلة.
ولكن ليس بالضرورة أن يشير وضع الطفل يده في فمه إلى إصابته بالتوحد، بل أغلب الأطفال يقومون بفعل هذا في مرحلة من حياتهم، وقد تمت الإجابة عن متى تظهر أعراض التوحد عند الاطفال سابقًا.
يمكنك التعرف على المزيد من المعلومات عن: مستقبل طفل طيف التوحد
من ماذا يخاف طفل التوحد؟
يفزع طفل التوحد من الأشياء التي تسبب له حساسية كالتعرض لبعض المواقف الغير معتادة بالنسبة له أو رؤية أشخاص أو أشياء كثيرة ومن أهمها:
- الضوضاء.
- الأماكن المزدحمة والتجمعات.
- الأصوات الصاخبة.
- الأضواء العالية.
يختلف تعبيره بين الصراخ أو الهرب أو البكاء أو العدوانية أو العصبية، وعندها تتسارع دقات قلبه ولا يستطيع التحكم في تصرفاته.
بينما لا يشعر طفل التوحد بالخوف من الأشياء الخطرة مثل:
- الحيوانات المفترسة.
- النار والكهرباء والمياه.
- الأماكن المرتفعة.
- الطرق السريعة والسيارات.
ويعود هذا لكونه لا يدرك لخطر تلك الأشياء بالنسبة له مما قد يعرضه لأذى كبير.
ما هو اخف أنواع التوحد؟
تعد متلازمة اسبرجر من أقل أنواع التوحد حدة، حيث يعاني الأطفال من نفس أعراض التوحد ولكن بشكل أخف كما يكونون سليمين ذهنيًا وعقليًا ولكن تكمن الأعراض عندهم في المشكلات الاجتماعية.
هل يوجد أطفال توحد يحبون العناق؟
بعد الإجابة عن سؤال متى تظهر أعراض التوحد عند الاطفال تجدر الإشارة إلى أن أطفال التوحد يكرهون الملامسة عمومًا.
بالرغم من رغبتهم في الاهتمام والشعور بالحب من قبل الوالدين ولكنهم لا يفضلون الحب المتعلق بالعناق والتلامس، لذا يمكنكم إظهار الحب عن طريق مشاركتهم نشاطاتهم وعن طريق الكلام عوضًا عن اللمس.
كيف يلعب الطفل التوحدي؟
يلعب طفل التوحد بنفس الطريقة مرارًا وتكرارًا، ولا يحب مشاركة اللعب مع أحد وليس لديه رغبة في تعلم قواعد اللعب، كما أنه يميل للألعاب التي لا تتطلب نشاطًا ذهنيًا، ولا يستطيع ممارسة اللعب التخيلية.
ومن الجانب الآخر يحب الأطفال المصابين بالتوحد الألعاب المثيرة للانتباه كالألعاب البراقة ذات الألوان الفاقعة والأصوات المسموعة بشكل هادئ والتي تتحرك أو ترقص.
حيث تحفز تلك الألعاب تفاعلهم فقد يستجيبون بالقفز والتسقيف أو الاندفاع نحو اللعبة ولمسها، وتشجيع الآباء على جعلهم يختاروا لُعْبَة عن طريق الإشارة عليها أو لمسها يعزز من فعالية العلاج ويساعدهم على التحسن.
يمكنك التعرف على المزيد من المعلومات عن: كيف يخرج الطفل من التوحد
هل طفل التوحد يحب التقبيل؟
بما أن التقبيل يندرج تحت التلامس فإن طفل التوحد لا يحبه وينفر منه.
لذا كما أوضحنا سالفًا فليكتفي الآباء بإظهار الحب والاهتمام عن طريق الأفعال والأحاديث بدلًا من التلامس الجسدي.
هل طفل التوحد يكلم نفسه؟
نعم، حيث أن الطفل التوحدي لا يستطيع التعبير عن مشاعره ولا يحب التحدث إلى الآخرين والتواصل معهم فإن بعضهم يلجأ إلى التحدث مع نفسه كوسيلة للهروب من الضغوطات أو للسيطرة على أفعاله ومشاعره.
نرجو أن نكون قد يسرنا عليكم الأمر لاكتشاف ما إذا كان طفلك مريض بالتوحد أم لا، وكما يتجلى من الأعراض أن الأطفال التوحد يعانون بشدة من عدم قدرتهم على العيش بصورة طبيعية، لذا من المهم تقديم الدعم النفسي له والصبر على العلاج حتى التعافي، لا تملوا من تجرِبة طرق جديدة واختراعات قد تظنوا أنها مفيدة لعلها تكون المُنجية، وقد تم الإجابة عن سؤال متى تظهر أعراض التوحد عند الاطفال.
One Reply on “متى تظهر أعراض التوحد عند الاطفال”
Comments are closed.