السلام الداخلي والتصالح مع الذات يكمن في تواصل القلب والعقل والروح، حيث يصل الإنسان إلى قمة الهدوء واستخدام طاقته الكامنة عندما يكون قادرًا على فهم نفسه والسيطرة عليها وقتما يريد مع رضا كلًا من العقل والقلب ليرى النور في طريقه دون الشعور بالتشتت أو التردد في اختيار قراراته المصيرية.
السلام الداخلي والتصالح مع الذات
في الواقع السلام الداخلي الذي يصل له الإنسان هو حالة الهدوء التي يصل إليها للحفاظ بقدر المُستطاع على قوة النفس وتخطي العقبات التي يواجهها بكل هدوء وحكمة.
فهو شخص مرتاح البال لا يتعرض لحالات القلق والتوتر إلا في أضيق الحدود.
من جهة أخرى التصالح مع الذات يعني الرضا بكل ما يصل له الفرد وقدرته الهائلة على تقبل أخطاءه والتعلم منها وتخطيها دون الوقوع في حالات جلد الذات والندم المستمر، حيث يتعامل معها من منظور إيجابي دون الخجل منها.
زيادة على ذلك نلاحظ في تلك الشخصيات عدم امتلاكهم لنقاط ضعف فهم قادرين على الاعتراف بالأخطاء وتعديلها فيما بعد.
كما أنهم قادرين على تقبل واحتواء أخطاء الآخرين والتعامل مع نِقَاط ضعفهم ونواقصهم.
ومن هنا تظهر أهمية المساحات الشخصية التي يحتاجها أصحاب السلام الداخلي فهم دومًا بحاجة لتصفية نفوسهم وتهدئة أعصابهم مما يلقونه من تعاملات مع الناس ومشكلات يومية تؤثر على تقبلهم لذواتهم وتصالحهم معها.
يمكنك التعرف على المزيد من المعلومات عن: ما هو علاج التوتر العصبي
السلام الداخلي في الإسلام
الإسلام مُشتق من السلام حيث يحثنا دائمًا على نشر السلام بتعاليمه المتزنة والصحيحة مما يساعد في نشأة مجتمع سوي وفرد متزن قادر على تقبل الأقدار.
ولكن الإنسان يتعرض بشكل مستمر لضغوط حياتية تجعله يحيد عن السلام الداخلي والتصالح مع الذات ويمكنه العمل بتلك النصائح للعودة إلى هذا السلام مرة أخرى:
- التوكل على الله سبحانه وتعالى وتفويض الأمر إليه مع العمل بالأسباب.
- التخلص باستمرار من الشعور السلبي الذي يتراكم بداخلنا من المواقف المؤلمة ومواجهة مخاوفنا بالاستعانة بالله.
- ذكر الله بجميع أشكال العبادة فالقلوب تطمئن بذكر الرحمن.
- استشعار رحمة الله عز وجل والرضا بقضائه.
- الابتعاد عن الأشخاص السلبيين وعدم السماح لهم بالتأثير عليك.
كيف أعرف أني في سلام داخلي
يسعى الكثير بطرق شتى للوصول إلى حالة السلام الداخلي والتصالح مع الذات، ويمكنهم معرفة مدى وصولهم لتلك الحالة بإنصافهم بالصفات التالية:
- تجاهل أفعال الحمقى وعدم تضييع الوقت في تفسير ما فعلوا.
- عدم الاهتمام بوضع أحكام على الآخرين.
- الاستمتاع بكل لحظة يمر بها الفرد.
- عدم خوض الصراعات والنقاشات عديمة الفائدة.
- التخلص من القلق والتوتر عند مواجهة المشكلات.
- الاعتماد على العفوية والفطرة في السلوك دون الخوف من نظرة الناس.
- احترام الذات ومعرفة قيمتها وتقديرها.
- شعور قوي داخل الفرد بالقناعة.
- تواجد قدرة كبيرة على التسامح.
في حالة وجود أكثر من صفة من السابق ذكرهم يكون الفرد قد وصل للسلام الداخلي حيث يشعر بالهدوء والتناغم مع كل ما يحدث من حوله مع قدرة هائلة على استشعار النعم وتقديرها.
يمكنك التعرف على المزيد من المعلومات عن: لا أستطيع النوم من كثرة التفكير
كيف يتصالح الإنسان مع نفسه؟
كي يتصالح الإنسان مع نفسه ويشعر براحة السلام في داخله عليه التحلي ببعض الصفات واكتساب عدة مهارات تجعل منه شخص مطمئن وهادئ ولا يواجه صعوبات الحياة بالقلق والتوتر.
وذلك كما يلي:
- عليه أولًا أن يتعرف على نفسه بشكل جيد وتحديد نِقَاط ضعفه والعمل عليها وتحديد نِقَاط قوته واتخاذها مصدر يستمد منه طاقته.
- ثم تأتي مرحلة تقبل الذات بكل عيوبها والأخطاء الذي يقع فيها والتخلص من جلد الذات واستبداله بالتعلم من الفشل.
- أما عن تطوير الذات فتلك ثالث مرحلة باتخاذ نِقَاط القوة وتطويرها وتعلم مهارات جديدة تساعدك على تخطي المشكلات بسلاسة ونظام وأخرى تحسن من حياتك اليومية.
- وأخيرًا تحرير الذات من جميع المخاوف التي تقف حاجز بينك وبين تحقيق الأحلام.
وللحفاظ على السلام الداخلي والتصالح مع الذات الذي توصلنا إليه لا بد من العمل ببعض النصائح مثل:
- استشعار النعم المحيطة والامتنان لها يوميًا.
- تدوين لحظات النجاح.
- الصدق مع النفس وإن كنت المخطئ مع مسامحة النفس.
- تخطي السقطات.
فوائد السلام الداخلي
فوائد السلام الداخلي والتصالح مع النفس كثيرة حيث تعود على صاحبها والمحيطين به فيكون قادر على مساعدتهم بعدما تخلى عن جميع مخاوفه والسيطرة على نِقَاط ضعفه، منها:
- الشعور بالهدوء طوال الوقت وابتعاد الأفكار والمشاعر السلبية.
- طريق واضح للعودة إلى فطرة الذات البشرية التي فطرنا الله عليها.
- البحث بداخلنا عن الكنوز الكامنة واستخدام كامل طاقتنا في تحقيق الأهداف.
- الشعور بالسيطرة طوال الوقت على أنفسنا وما يحدث حولنا.
- التناغم مع الأحداث والطبيعة حولنا.
- ممارسة التأمل تصبح أسهل لتأخذنا إلى أعماق ذواتنا دون الشعور بالتشتت والتركيز على العوامل الخارجية.
يمكنك التعرف على المزيد من المعلومات عن: علاج كثرة التفكير
معوقات السلام الداخلي والتصالح مع الذات
هناك بعض الأفراد الذين يعانون من صعوبة بالغة في الوصول إلى حالة الهدوء والسلام الداخلي مهما استخدموا طرق ونصائح.
وذلك يرجع إلى عدة مشكلات في أفكارهم ومعتقداتهم تكون عائق في طريقهم نحو التصالح مع ذواتهم.
على سبيل المثال يمكن ذكر بعضٍ منها في النِّقَاط التالية:
- الإفراط في التفكير بمشكلات الحياة ومتطلباتها.
- القلق الزائد من المجهول والمستقبل بسبب مواقف سلبية تعرض لها الفرد.
- عدم الاهتمام بالجانب الروحي ظنًا منهم أنه لا عَلاقة للدين بالحياة، ولكن ترك هذا الجانب يجعل الفرد فارغ من الداخل ويمنعه من الوصول للسلام الداخلي.
- السعي الدائم خلف رغبات الآخرين للحصول على رضاهم حيث يستمد الفرد رضاه عن نفسه وتقديره لذاته من رضا الناس عنه وهو أكبر المعوقات التي تواجهنا، فيجب أن يشعر الإنسان بقيمته الذاتية ليتمكن من التصالح مع نفسه.
- وجود دائرة مقربين سلبيين حول الشخص مما يجعله دائمًا في بيئة سلبية غير مشجعة على زرع أفكار إيجابية تنقله إلى طريق السلام.
- مقارنة النفس مع ممن حولها والحقد على نجاح الآخرين.
- القيام بأعمال غير محببة للنفس وإجبارها على تأديتها وتنفيذها.
- عدم التأني في الوصول لحالة السلام الداخلي بوضع خُطَّة زمنية قصيرة دون وضع اعتبار للفترة التي يحتاجها الفرد وفق حالته النفسية وظروفه الخارجية.
في نهاية المطاف نشير إلى أنه لا يتمكن البشر من الشعور بالسلام الداخلي والتصالح مع الذات بمجرد القراءة عنها على الرغْم من أن الكتب التي تتناول هذا الموضوع لها تأثير فعال، فلا بد أن يمر الفرد بالكثير من التجارِب ومراقبة أفكاره ومشاعره للتعرف عليها عن قرب وإمكانية التحكم فيها والسيطرة عليها، فمدرسة الحياة قادرة على خلق شخصيات جديدة وقوية من رحم شخصيات ضعيفة مليئة بالقلق والتوتر.