فقدان الشغف يمر بنا جميعًا في بعض الأوقات، نشعر بأن كل شيء أصبح لا لون له ولا معنى، وأي أمر نفعله نشعر كأننا مجبورين عليه، ولا يوجد حماس أو رغبة في أدائه، بالأخص لو كان القرار بأيدينا لفضلنا البقاء في المنزل فوق السرير، وضبط رؤيتنا على الحيطان كل يوم، وفقدان الشغف منتشر بشكل كبير في مجتمعنا المعاصر، قد يكون بسبب كثرة الضغوطات أو المشكلات، إلى أخره، سنوضح كل شيء بالتفصيل من خلال متابعة القادم.
فقدان الشغف
قد تكون هذه المرحلة تُنذِرُ بوجود خطر على الشخص، يمكن أن توصله إلى حالة من الانعدام، أي لا يحس بما يحاط به من أشياء، ولا يعرف وقته الذي يمر عليه، كأنه في ضياع تام.
ماذا يعني فقدان الشغف؟
الشغف يعرف على أنه دافع يمتلكه الشخص، أو الرغبة القوية التي تساعده على إنهاء المهام، غير أن الشغف يمد الإنسان بالحيوية والطاقة، والقدرة على المواصلة، وتحقيق الهدف، والوصول إلى النجاح، وبفقدان الشغف تتأثر كل هذه المشاعر.
ويصاب الفرد بالإحباط والإرهاق، ويشعر بالعجز على الاستمرار في طريقه لتحقيق أحلامه، وكذلك حياته اليومية؛ لأن الشغف حالة من انعدام السعادة في فعل الشيء، ويشعر بالملل، وقلة الحماس.
ولو حاول أي شخص من العائلة أو الأصدقاء في التدخل، لا فائدة لأنه في حالة فقدان الشغف، ويريد الجلوس وحيدًا ومنعزلًا في مكان بعيد عن الجميع، وكأن النور بداخله تبدل إلى سواد.
يمكنك التعرف على المزيد من المعلومات عن: طريقة حب الذات
أسباب فقدان الشغف
أسباب فقدان الشغف عديدة ومختلفة من فرد لآخر، لذلك يصعب جمعها كلها في مجموعة واحدة، أو في سبب فقط، ربما يكون الوصول إلى تلك المرحلة نتيجة عدة عوامل، أو أسباب متراكمة تصل في نهاية المطاف إلى فقدان الشخص شغفه في الحياة.
ومن هذه الأسباب:
غياب الهدف
- يعيش الإنسان حالة من التوهان، لأنه لا يملك أي هدف لفعله، بسبب عدم قدرته على الإنجاز، مما يجعله محبط.
- وسائل التواصل الاجتماعي لها دور مؤثر على الإنسان، تحديدًا لما ينشره المشاهير من إيجابيات وإخفائهم جوانبهم السلبية، وهذا ما يؤثر على نفسية الإنسان من فقدان الشغف، حيث يظن أنه منغمس في مشاكل ومتاعب الحياة، بينما هم سعداء.
الفشل
- لو تكرر الفشل في تحقيق هدف ما، يبدأ فقدان الثقة بالنفس، ويتوهم الفرد في نفسه أنه إنسان فاشل لا منفعة منه، ولن يتمكن من بذل أي جهد ولا يستطيع تحقيق أهدافه وأحلامه، وبشكل كبير يدفعه ذلك إلى العزلة والتوقف عن فعل أي عمل.
- رفع سقف التوقعات عند الإنسان، ونتيجة لعدم وصوله إلى هذه التوقعات، بالتأكيد يولد فيه الشعور بالإحباط والفشل ويسبب حالة من فقدان الشغف ورفض متابعة طريقه.
الملل
- من أجل تحقيق الهدف الذي يضعه الإنسان، لا بد من الجهد المتواصل، لأن الحصول على نتيجة مُرضية يتطلب وقت طويل الأمد، لذلك معظم الناس يقفون في منتصف الطريق ويشعرون بفقدان الشغف والملل، ويسيطر العجز عليهم، مما يمنعهم من استكمال طريقهم.
- فعل العمل بشكل روتيني أحد أسباب فقدان الشغف، حيث يشعر الإنسان أن حياته لا طعم لها، بالأخص أنه يعرف ما سيقوم به غدًا من أعمال، من ثم يكره الحياة التي يعيش فيها، ويفقد رغبته على إكمالها.
كيف تعرف أنك فقدت الشغف؟
الشخص المصاب بفقدان الشغف، تظهر عليه أعراض وعلامات، وقد تتشابه مع مرض الاكتئاب، وأهمها ما يلي:
- الأرق وصعوبة النوم.
- التشاؤم.
- الندم على أخذ قرارات قديمة.
- تعدد المشكلات.
- خلافات مع المقربين.
- تذبذب العَلاقة مع المحيطين به.
- الرغبة في الانعزال.
- الشعور بالملل، وأن جميع المهام لا فائدة من فعلها.
- فقدان الحماس تجاه الأشياء.
- عدم الثقة في الوصول إلى الهدف.
- قلة الرغبة في التكلم مع أحد.
يمكنك التعرف على المزيد من المعلومات عن: أسباب الاكتئاب النفسي
كيف يستعيد الإنسان شغفه؟
فقدان الشغف يؤدي لكثير من السلبيات، حيث يصبح الشخص عصبي ويحقد على الغير، ويكون عنده لامبالاة مفرطة، ويبتعد عن الناس، وفي بعض الأحيان يفكر في الانتحار.
وحرصًا على سلامتك، أسرع في البحث عن طرق العلاج لكي لا تزيد حالتك، وقتها سيفوق الأمر ويصل الحال بك إلى مضاعفات خطيرة نحن في غنى عنها.
وطرق العلاج تتلخص في الآتي:
- قراءة الكتب المفيدة والمسلية.
- مشاهدة أفلام الرسوم المتحركة، قد تشجع وتحفز على تجاوز تلك المنحة.
- أخذ قسط وافر من النوم والراحة، وهو أمر ضروري جدًا في الحفاظ على النشاط والحيوية، ويزيد من قدرة الشخص على العمل وإنجاز الكثير.
- أخذ فترات من الراحة في وقت العمل، لا تترك حياتك للعمل وحسب، لتجنب فقدان الشغف هناك مهام أخرى تحتاج لها على سبيل المثال، قضاء وقت مع الأسرة، الخروج في نزهة، ممارسة الهوايات المفضلة، شراء شيء تحبه، تناول طعام محبب إلى قلبك، الذَّهاب إلى أحد الأصدقاء أو الأقارب وقضاء وقت مميز.
ماذا أفعل عند فقدان الشغف؟
- البعد عن الناس السلبيين، مما لا شك فيه أن هؤلاء الناس لا يتوقفون عن التنمر والتذمر، وينشرون طاقتهم السلبية في قلوب الآخرين، ولذلك ينبغي عليك استبدالهم بأفراد سويين نفسيًا يُعطوك الإيجابيات، يساعدوك من خلال تشجيعهم لك، وهذا ما تحتاج إليه.
- القضاء على الملل يحتاج إلى كسر الروتين اليومي، ابحث عن طرق جديدة ومختلفة، أضف بعض المتعة إلى يومك مثلًا شارك في أي رحلة، حينها ستقضي فترة مسلية تبعدك عن جو الملل والعمل الشاق، وتساهم في الخروج من دائرة فقدان الشغف.
- الفشل لا يعني أنك تتوقف عن تكرار المحاولة بدلًا من الاستمرار، هذا خطأ شائع بين الجميع، تعلم من أخطائك واعلم أن الفشل أمر طبيعي، لا أحد ينجح دائمًا، هناك عثرات كثيرة، قم منها وأكمل طريقك، هنا ستدرك أن معنى النجاح الحقيقي هو التعلم من الخطأ، أنت لست فاشل.
- القيام بممارسة التمارين الرياضية، كما أكد عدد كبير من الخبراء أن ممارسة الرياضة مرتبطة بصحة العقل ولها أثر فعال في تحسين المزاج.
في حال فشل كل ما قدمناه من نصائح، من الضروري مراجعة أخصائي نفسي يقوم بتشخيص حالتك، فربما فقدان الشغف عندك ناتج عن مرض ما، لذا راجع طبيبك، أو اطلب الدعم من المقربين إليك لتحمي نفسك من تفاقم مشكلة فقدان الشغف.
هل فقدان الشغف من علامات الاكتئاب؟
نعم، يعتبر فقدان الشغف علامة من العلامات الرئيسية لمرض الاكتئاب.
هل فقدان الشغف مرض نفسي مزمن ام حالة مؤقتة؟
لا يتحدد إلا بعد تشخيص المرض ومعرفة أسبابه، وفقدان الشغف عرض من ضمن أعراض اضطرابات النفسية، أو الإجهاد.
هل فقدان الشغف أسوأ من الاكتئاب؟
لا، ليس كما يعتقد البعض، ولكن الاكتئاب له مخاطر أكبر، قد يصل بالفرد إلى محاولة الانتحار.
ما هي أنواع الشغف؟
الشغف له أنواع لا حصر لها، سنذكر بعضها، وهم:
شغف المشاعر العاطفية
- بعض الأفراد عندهم شغف في الحب، ويفضلون قضاء وقت لطيف مع شريك حياتهم سواء كان السفر، أو الرِّحْلات الخاصة بهم، ويميلون لتوثيق تلك اللحظات الرائعة مما يسهل من استعادة الشغف في حالة الإصابة بفقدان الشغف.
حب العمل
- معظم الناس يجدون الشغف الخاص بهم في العمل، ويتجهون نحو النجاح وتحقيق الأفضل، ويريدون الحصول على المزيد، لذا يبحثون على دورات في مجالهم، ويتناقشون في مؤتمرات مع الأكبر منهم سنًا، لكي يكتسبوا الخبرات التي ستشكل فارق في حياتهم و تساعدهم في عملهم.
شغف الدراسة
- يوجد طلاب لديهم شغف بالدراسة، حيث نجدهم يسعون لإحراز أعلى الدرجات، والتفوق على زملائهم، لذلك ينصحهم بعض الباحثين في التطوير من هذه المهارة والعمل على زيادتها، نظرًا أن هؤلاء الطلاب لديهم نسبة ذكاء عالية، فلا بد من استغلالها جيدًا.
عمومًا، لا يوجد أحد لم تمر عليه هذه الحالة ولو لمرة في الحياة، ففقدان الشغف أصيب به الجميع، ويُطلق عليه في علم النفس مصطلح “فقدان الدافعية”.
يمكنك التعرف على المزيد من المعلومات عن: أضرار الحزن والاكتئاب
ما الفرق بين فقدان الشغف والاكتئاب؟
كما بينا ما يخص فقدان الشغف، دعنا نوضح الاكتئاب لنعرف الاختلاف بينهما:
الاكتئاب:
- معروف بالحزن الدائم، والمزاج المتقلب، وضعف القدرة على القيام بالأنشطة اليومية، ويكون حدوثه نتيجة عوامل معقدة، على سبيل المثال الوراثة، فقدان شخص عزيز، العنف الأسري، التاريخ العائلي، توتر، صدمة، وهو المنتشر من الاضطرابات.
أعراض الاكتئاب:
- الإحساس بالذنب.
- اليأس.
- مشكلات في الجهاز الهضمي.
- إعياء وتعب.
- فقدان الشغف.
- حزن مستمر ومِزَاج كئيب: في حالة لو كان الشخص شديد الكآبة، يشعر بحزن واكتئاب معظم اليوم، وقد يعبر عن حزنه بالبكاء الكثير، أو الفراغ، كما أن المِزَاج السيئ من الأعراض الرئيسية المستخدمة في تشخيص الاكتئاب، وقد يستمر لفترة عامين على الأقل.
- تغير الشهية: وهي علامة منتشرة لمرض الاكتئاب، حيث يتغير مقدار الطعام لديك، فقد تجبر نفسك على تناول الغذاء، لأنه فقد مذاقه عندك، أو ربما بسبب عدم مقدرتك على تجهيز وجبات الأكل، والحزن قد يتسبب في الإفراط في تغذية الجسم، في تلك الحالات يتم تناول الطعام كآلية فقط للتكيف، حيث إن الغذاء من الممكن أن يرفع المِزَاج، حتى لو اختفى مذاق الأكل المؤقت.
- اضطراب النوم: وهو موجود في 99%من حالات الاكتئاب، يحدث فرط النوم، أو صعوبة في النوم.
- كثرة التفكير في الانتحار: الاكتئاب الحاد يدفع المريض للتفكير في الانتحار وإيذاء النفس.
علاج الاكتئاب وفقدان الشغف
رغم أن المريض يشعر باليأس، ولكن هناك أمل للذين يسعون إلى الشفاء و يلتزمون بالعلاج، حقيقةً يُعد مرض الاكتئاب أكثر الأمراض العقلية علاجًا، لأن 80_90% من الأشخاص يستجيبون للعلاج ومنه:
أولًا/ العلاج الدوائي:
- يكتب الطبيب مضادات للاكتئاب، لتحسين مزاجه، مثل “السيروتونين”.
ثانيًا/ العلاج النفسي
والذي يتضمن ما يلي:
العلاج السلوكي:
وهو العلاج الأكثر شيوعًا لمرض الاكتئاب، وهو عبارة عن جلسة نفسية بين الطبيب المعالج والمريض، وتختص بالتالي:
- مساعدته في التغلب على أفكاره الانتحارية، واليأس.
- معرفة العوامل المسببة لإصابته، والمساعدة في حلها تمامًا.
- تحفيزه على العودة إلى حياته السابقة المحتوية على الطاقة والنشاط.
- التغلب على السلبيات، والتفكير في الحياة بإيجابية.
العلاج الجماعي:
- يتم إحضار أشخاص تعالجوا من المرض من قبل، مما يساهم جدًا في شفائه.
العلاج الفردي:
- يركز الطبيب على مشكلته في التعامل مع باقي المرضى، ومن ثم يعرف كيف يتغلب عليها.
واستخلاصًا لما سبق، إن فقدان الشغف والاكتئاب ليسوا إلا وجهين لعملة واحدة.
وفي الختام أيها القارئ، تأكد أن السعادة ليست بالإنجازات التي تفعلها، أحيانًا تكمن سعادتك في الأشياء البسيطة مثل:
- لعب ألعاب مختلفة.
- طعام مفضل.
- مشروب ساخن.
وبناءً على ذلك لا تضيع حياتك في التخيل، وتهدر وقتك في الفاضي وتفكر في صنع المستحيل، بل استغل يومك بفعل المفيد، وافعل أي شيء واجعله سببًا لإسعاد نفسك، ولا يفوتنا أن ننوه على عدم مقارنة نفسك بغيرك، لكلًا منا سعادته الخاصة في فعل الأشياء المحببة، لا أحد مثالي مهما أظهر جوانبه الجيدة للناس، كلنا نحمل جانب سلبي لا يعرفه عنا أحد.
ولا بد من التأكيد على ضرورة فهم إدراك مفهوم الحياة الواقعية، حتى لا تحدث ظاهرة فقدان الشغف.